السياحة ظاهرة من الظواهر الإنسانية . فهي قديمة قدم الحياة و عريقة عراقة
التاريخ فمنذ أزمان طويلةو الإنسان في
حالة حركة دائمة بين السفروالتنقل بحثا عن أمنه و استقراره سعيا وراء رزقه و معاشه متحررا من قيود بيئته ومتطلعا إلى العلم و
المعرفة . و تحولت ظاهرة انتقال الإنسان لتحقيق رغباته و احتياجاته و شئون حياته
اليومية إلى ظاهرة اجتماعية و ثقافية هدفها المتعة و الراحة و الثقافةو الاستجمام.
وقد تغيرت النظرة إليها في العصر الحديث و تطورت إلى صناعة مركبة من
الصناعات الهامة التي تعتمد عليها كثير من الدول في تنمية مواردها لتحقيق التقدم
الاقتصادي و الاجتماعي.
في العشر السنوات الأخيرة من عمر العالم حدثت تغيرات درامية في الاقتصاد
العالمي أزاحت مصادر الثروة التقليدية (
زراعة – صناعة ) لتحتلها صناعة الخدمات ( الاتصالات – المصارف – تكنولوجيا
المعلومات – صناعة السياحة و السفر ) .
و طبقا لتوقعات عالم المستقبليات الأمريكي "جون نيبزت " فان اقتصاد العالم في القرن الواحد و العشرون
سوف تقوده ثلاث صناعات خدمية و هي صناعة الاتصالات – تكنولوجيا المعلومات – صناعة
السفر و السياحة و هي صناعتنا الجديرة بالاحترام . فالعالم الآن يعيش ( ثورة سياحية ) تبشر بالكثير و قد أنتجت
بالفعل شيئا عظيما . فالسياحة أصبحت اكبر صناعة في العالم بنهاية القرن وذلك طبقا
لإحصائيات منظمة السياحة العالمية لعامي (
1997/1998 ) حيث تساهم بمقدار(12.5 % ) من جملة الناتج العالمي.
بل إن السياحة لم تعد نوعا من الرفاهية بل يجب اعتبارها عنصرا مهما في
تواصل المجتمع و تضامن الأسرة الدولية .. فتجربة الغير تثري فينا ينابيع
المعرفة و تعمق مفهومنا لعالمية المجتمع
الإنساني و لكوكب الأرض الذي تسكنه .
أصبح واضحا للجميع بان السياحة أصبحت قاطرة للنمو الاقتصادي و
الاجتماعي و الحضاري و يتساوى في ذلك الدول الغنية ذات المصادر المتعددة للدخل و
أيضا الدول الساعية إلى النمو بتعزيز مصادر دخلها بتنشيط السياحة إليها . فنحن في
عالم يضع السياحة على رأس الأولويات باعتبارها مدرة للدخل .. و كثيفة العمل .. و
باعثة على نمو و رواج العديد من الصناعات و الخدمات المرتبطة بها بشكل مباشر أو
غير مباشر .
كما تعتبر السياحة من الصناعات التي تساعد على بناء عالم أفضل .. بتعزيزها
فرص التفاهم و السلام بين الشعوب و
إرسائها الأساس لتواصل مجتمع إنساني واسع و تفاعل حضاري و ثقافي عميق .
و هكذا و شيئا فشيئا لم تعد السياحة مجرد ظاهرة اجتماعية تهم بعض الأفراد و
الجماعات بل تحولت إلى أنشطة ترفيهية ذات
أبعاد اقتصادية و اجتماعية و ثقافية و بيئية و ذلك بسبب تدفق
مئات الملايين من السياح على مختلف الدول و المناطق السياحية الشيء الذي شجع
العديد من دول غرب أوربا و شمال أمريكا أن تعمل على النهوض بالسياحة و تحويلها إلى
صناعة حقيقة و أداة لتحقيق التنمية الاقتصادية و الاجتماعية .
صادف استقلال العديد من دول العالم الثالث السائرة في طريق النمو خلال عقدي
الخمسينات و الستينات من القرن الماضي ازدهار السياحة و رأت هذه الدول كيف أن العديد من الدول
المتقدمة جعلت من قطاع السياحة موردا اقتصاديا بفضل عائداتها المالية و انعكاساتها
الايجابية على العديد من القطاعات الأخرى كالأشغال العمومية و البناء و الخدمات و
التشغيل الخ ... و رأت حكومات هذه الدول أيضا أن الاستقلال ثرواتها لإخراج شعوبها
من التخلف لم يعد يقتصر على الثروات الفلاحية
و المعدنية و البحرية فقط بل امتدت لتشمل المؤهلات الطبيعية و الثقافية ذات
الصبغة السياحية .
و اقتداء بالدول السياحية تبنت العديد من دول العالم
الثالث السائرة في طريق النمو سياسة النهوض بالسياحة و كان عليها أن تعمل على
إحداث منتجات سياحية و تسويقها لجلب المزيد من السياح و العملة الصعبة و هذا يعني
القيام بعمليات إنتاجية سياحية تشمل توفير التجهيزات الأساسية ( إنشاء المطارات و الموانئ و الطرق ) و
دعم الاستثمارات ( إحداث المنشات و المقاولات السياحية ) و تكوين الأطر من مختلف
المستويات و التخصصات ( لاستقبال السياح و تسيير المؤسسات
و المقاولات السياحية ) و العمل ببرامج إنعاشية لفتح الأسواق الخارجية ( القيام
بحملات إعلامية و اشهارية لتسويف
المنتوج السياحي ) الخ ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق