الثلاثاء، 23 أبريل 2013

السياحة ظاهرة من الظواهر الإنسانية


السياحة ظاهرة من الظواهر الإنسانية . فهي قديمة قدم الحياة و عريقة عراقة التاريخ  فمنذ أزمان طويلةو الإنسان في حالة حركة دائمة بين السفروالتنقل بحثا عن أمنه و استقراره سعيا وراء رزقه و معاشه  متحررا من قيود بيئته ومتطلعا إلى العلم و المعرفة . و تحولت ظاهرة انتقال الإنسان لتحقيق رغباته و احتياجاته و شئون حياته اليومية إلى ظاهرة اجتماعية و ثقافية هدفها المتعة و الراحة و الثقافةو الاستجمام.
وقد تغيرت النظرة إليها في العصر الحديث و تطورت إلى صناعة مركبة من الصناعات الهامة التي تعتمد عليها كثير من الدول في تنمية مواردها لتحقيق التقدم الاقتصادي و الاجتماعي.
في العشر السنوات الأخيرة من عمر العالم حدثت تغيرات درامية في الاقتصاد العالمي أزاحت مصادر الثروة التقليدية    ( زراعة – صناعة ) لتحتلها صناعة الخدمات ( الاتصالات – المصارف – تكنولوجيا المعلومات – صناعة السياحة    و السفر ) . و طبقا لتوقعات عالم المستقبليات الأمريكي "جون نيبزت "  فان اقتصاد العالم في القرن الواحد و العشرون سوف تقوده ثلاث صناعات خدمية و هي صناعة الاتصالات – تكنولوجيا المعلومات – صناعة السفر و السياحة و هي صناعتنا الجديرة بالاحترام . فالعالم الآن يعيش   ( ثورة سياحية ) تبشر بالكثير و قد أنتجت بالفعل شيئا عظيما . فالسياحة أصبحت اكبر صناعة في العالم بنهاية القرن وذلك طبقا لإحصائيات منظمة السياحة العالمية لعامي ( 1997/1998 ) حيث تساهم بمقدار(12.5 % ) من جملة الناتج العالمي.
بل إن السياحة لم تعد نوعا من الرفاهية بل يجب اعتبارها عنصرا مهما في تواصل المجتمع و تضامن الأسرة الدولية .. فتجربة الغير تثري فينا ينابيع المعرفة  و تعمق مفهومنا لعالمية المجتمع الإنساني و لكوكب الأرض الذي تسكنه .
أصبح واضحا للجميع بان السياحة أصبحت قاطرة للنمو الاقتصادي           و الاجتماعي و الحضاري و يتساوى في ذلك الدول الغنية ذات المصادر المتعددة للدخل و أيضا الدول الساعية إلى النمو بتعزيز مصادر دخلها بتنشيط السياحة إليها . فنحن في عالم يضع السياحة على رأس الأولويات باعتبارها مدرة للدخل .. و كثيفة العمل .. و باعثة على نمو و رواج العديد من الصناعات و الخدمات المرتبطة بها بشكل مباشر أو غير مباشر .
كما تعتبر السياحة من الصناعات التي تساعد على بناء عالم أفضل .. بتعزيزها فرص التفاهم و السلام بين الشعوب  و إرسائها الأساس لتواصل مجتمع إنساني واسع و تفاعل حضاري و ثقافي عميق .
و هكذا و شيئا فشيئا لم تعد السياحة مجرد ظاهرة اجتماعية تهم بعض الأفراد و الجماعات بل تحولت إلى أنشطة ترفيهية  ذات أبعاد اقتصادية    و اجتماعية و ثقافية و بيئية و ذلك بسبب تدفق مئات الملايين من السياح على مختلف الدول و المناطق السياحية الشيء الذي شجع العديد من دول غرب أوربا و شمال أمريكا أن تعمل على النهوض بالسياحة و تحويلها إلى صناعة حقيقة و أداة لتحقيق التنمية الاقتصادية و الاجتماعية .
صادف استقلال العديد من دول العالم الثالث السائرة في طريق النمو خلال عقدي الخمسينات و الستينات من القرن الماضي ازدهار السياحة  و رأت هذه الدول كيف أن العديد من الدول المتقدمة جعلت من قطاع السياحة موردا اقتصاديا بفضل عائداتها المالية و انعكاساتها الايجابية على العديد من القطاعات الأخرى كالأشغال العمومية و البناء و الخدمات و التشغيل الخ ... و رأت حكومات هذه الدول أيضا أن الاستقلال ثرواتها لإخراج شعوبها من التخلف لم يعد يقتصر على الثروات الفلاحية  و المعدنية و البحرية فقط بل امتدت لتشمل المؤهلات الطبيعية و الثقافية ذات الصبغة السياحية .
و اقتداء بالدول السياحية تبنت العديد من دول العالم الثالث السائرة في طريق النمو سياسة النهوض بالسياحة و كان عليها أن تعمل على إحداث منتجات سياحية و تسويقها لجلب المزيد من السياح و العملة الصعبة و هذا يعني القيام بعمليات إنتاجية سياحية تشمل توفير التجهيزات الأساسية       ( إنشاء المطارات و الموانئ و الطرق ) و دعم الاستثمارات ( إحداث المنشات و المقاولات السياحية ) و تكوين الأطر من مختلف المستويات     و التخصصات ( لاستقبال السياح و تسيير المؤسسات و المقاولات السياحية ) و العمل ببرامج إنعاشية لفتح الأسواق الخارجية ( القيام بحملات إعلامية    و اشهارية لتسويف المنتوج السياحي ) الخ ... 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق